"كذبت بشأن الهولوكوست.. سامحوني"!
منى الدريدي
نشرتْ كتابا لاقى رواجا واسعا ألقى في خزينتها بعشرة ملايين جنيه إسترليني، وأثارت شجون قرائها وهي تحكي من خلاله قصة هروبها من "محارق النازية التي طاردت اليهود" في الحرب العالمية الثانية أو ما يعرف بالهولوكوست، وتجربتها في العيش مع الذئاب، وبعد 11 عاما عادت لتفاجئ الجميع، بقولها: "لقد اخترعت كل ما ورد في الكتاب، بل إنني لم أكن أصلا يهودية"!
ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية السبت 1-3-2008، فإن الكتاب الذي أصدرته الكاتبة البلجيكية "ميشا ديفونسيكا" عام 1997 يحكي ما زعمت أنه قصتها عندما كانت طفلة ذات ثماني سنوات، وقد فقدت والديها خلال اجتياح النازيين لعدة بلدان في أوروبا في أتون الحرب العالمية الثانية، وتنقلت وحيدة بين حدود تلك البلدان تقتفي أثر والديها، ثم ينتهي بها المطاف لتعيش لمدة شتاءين قارسين بين مجموعة من الذئاب.
وتعلق الصحيفة: "للأسف أن هذه القصة التي أسبغت على مؤلفتها 19 مليون و88 ألف دولار، وتم ترجمتها لـ 18 لغة.. كانت مجرد حكاية مختلقة".
فبالأمس الجمعة، اعترفت ديفونسيكا (اسمها الحقيقي مونيك دي وايل) بأن ما ورد في كتابها (ميشا - ذكرى من سنوات الهولوكوست)، كان مجرد قصص مختلقة، أو بحسب تعبيرها الدقيق: "لم يكن حقيقة".
فهي لم تعش مع الذئاب، ولم تنفق أربعة أعوام من عمرها تعبر بين حدود أوروبا من بلجيكا إلى أوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية. بل إنها لم تكن يهودية.
وبدلا من الديانة اليهودية التي ادعتها في وقت سابق، فإن "ميشا" تلقت نشأة كاثوليكية صارمة.
وتضيف "الديلي ميل" أنه في الوقت الذي ادعت فيه ميشا أنها كانت تسلخ الأرانب في الثلج، وتسرق الطعام من منازل الفلاحين في طريقها إلى بولندا للبحث عن والديها، فإنها في الواقع كانت طفلة تعيش مع جديها في شقة بالعاصمة البلجيكية بروكسل.
والشيء الوحيد الحقيقي في روايتها كان اختفاء والديها، اللذين تم تجريدهم من عضوية حركة المقاومة البلجيكية.
"أطلب الغفران من كل أولئك الذين شعروا بأنني خنتهم، ولكنني أرجو منهم أن يضعوا أنفسهم موضع طفلة ذات أربع أعوام، فقدت كل شيء". هذا ما قالته ميشا خلال اعترافاتها.
وعلقت ابنة عمها (88 عاما) على ما فعلته ميشا بقولها: "تلك هي مونيك، إنها ذات خيال واسع".
وكانت ابنة العم قد عرفت بالقصة من صحيفة "لي سوار" البلجيكية التي كشفت حقيقة الكتاب.
اختراع حياة
وثارت الشكوك لأول مرة بشأن ما ورد في قصة ميشا عندما تساءل خبراء في علم الحيوان بشأن ما إذا كانت الذئاب المتوحشة فضلت أن تعاملها كأحد صغارها - بدلا من افتراسها - كما ادعت.
"اسمي مونيك دي ويل، ومنذ أن كان عمري أربعة أعوام أردت النسيان"، كما قالت في حديثها مع جريدة "لي سوار".
وشرحت كيف أنها دائما كانت ترغب في عدم الانتساب لأقاربها الذين كانوا يشيرون إليها بقولهم "ابنة الخائن"، لأنه كان يشتبه بأن والدها أدلى باعترافات بعد تعرضه للتعذيب.
"إنها حقيقة.. إنني منذ البداية شعرت بأنني يهودية (بسبب احتقار أقاربها لها)، وفي وقت لاحق من حياتي أصبحت قادرة على أن أدعي ذلك لنفسي".
وواصلت في بيان أطلقته عبر محاميها: "لذلك اختلقت لنفسي حياة غير الحياة التي فرضت علي، إنها ليست الحقيقة، ولكنها وسيلتي لكي أحيا".
وكانت ميشا قد ذكرت أنها تلقت نحو مائتي ألف دولار أمريكي من حقوقيين فرنسيين من أجل قصتها التي تم شراؤها عام 1997. وتحولت لفيلم بعنوان "الحياة مع الذئاب" والذي لاقى نجاحا هائلا في أوروبا.
وبدأت الأموال تتدفق عليها بعد أن كسبت 19 مليون و88 ألف دولار بموجب حكم قضائي صدر هذا العام ضد ناشرتها الأمريكية، بسبب مزاعم قالت فيها ميشا إن الناشرة انتقصت من حقوقها، ولم تقدم التسويق اللازم لكتابها.