كان هناك رجل جالس على الشاطئ يرقب الموج الهادر ، ويستمتع بأشعة الشمس الحارقة ، وإذ به يلمح طفلا "يصارع
الموج في يأس ، وبسرعة ألقى بنفسه في أحضان اليم قاصدا "ذلك الطفل المسكين ، أخذ في الاقتراب منه ، ولسانه
يلهج بالدعاء ألا تسبقه موجة عاتية تحصد هذا الجسد الهزيل..
وعندما وصل إلى الطفل ، جاءه من الخلف ، وأمسك بتلابيبه ، وجره معه إلى الشاطئ ، وارتمى على الرمال في تعب ، وصدره
يعلو ويهبط في سرعه ، وقد أحس بوخز في صدره جراء هذا السباق المفاجئ.. جرى الطفل بعيدا "غير مصدق
بنجاته ، وبقى الرجل ساكنا "على الرمال ، يحاول جمع شتات نفسه..
وماهي إلا لحظات إلا ولمح الرجل بطرف عينيه الطفل الذي أنقذه قادما "، ومعه امرأة ، لاشك أنها أمه قد أتت لتشكره ،
وبالفعل توقفت المرأة ، وسألته :
أأنت الذي أنقذت طفلي من الغرق؟
فقال لها في تواضع : نعم..
فقالت له : إذن أين الساعة التي كانت في معصمه....!!!!!!!
لاداعي لوصف حالة الذهول والإحباط التي انتابت الرجل ، ولا داعي كذلك بالتنبؤ بأنه لن يسدي معروفا لأحد بعد اليوم
لاتنتظر الشكر علي خير فعلته ، فتصاب بخيبة أمل وإحباط..
الأفضل أن تطلب بعملك وجه الله ، فإذا شكرك الناس ، فقد رفعوا عن أنفسهم إثم كتمانه ، وأعفوا أنفسهم عار من
كفر النعمة ، وإذا جحدوك ، ولم يروا جميل صنعك ، فما عند الله خير وأبقى ، ولقد عرف لك الله حسن فعالك ، فمايضيرك إن
جحدك الناس.. رأيكم؟