داليدا نجمة مصر العالمية.. اسمها الحقيقي Yolande Christina Gigliotti
ولدت بالقاهرة بحي شبرا العريق في 17 يناير 1933 لوالدين ايطاليين مهاجرين .. هاجروا لمصر بدافع الفقر الشديد وهرباً من المعارك الطاحنة في ايطاليا ابان الحرب العالمية الأولي .
كانت والدتها تدعى " Josephine " لكن اطفال الحي كان ينادونها " بيبينا Pippina " كانت امها كأي ام ايطالية لها طبيعه مزعجة حيث تتدخل في شؤون اولادها لخوفها عليهم لكنها ايضاً حنونة وربة بيت ممتازة.
اما والدها السيد جيجليوتي فقد كان عازفاً موهوباً لم يتمكن من ايجاد عمل في بلده مما دفعه لفكرة السفر وركب هو وعائلته السفينه المتجهه بهم الى مصر رغم انه كان يحب بلده ويفتخر بأصله . لم تمضي فتره وجوده بمصر حتى تمكن وبسرعه من العثور على عمل مع اوركسترا أوبرا القاهره . واسكن عائلته في شقه متواضعه في شبرا .
وبعد فتره ولدت يولاندا المعروفه بأسم داليدا بـ17يناير سنة 1933 .لتنظم الى شقيقيها برونو وارلاندو .
طفولتها :
لم تكن طفولتها سعيده فقد ولدت وهي ضعيفة البنية هشة وكانت تعاني من احولالاً في عينها اليمنى بشكل سيئ وقد أجرت ثلاث عمليات لعينها اليمنى ولفتره طويله كان يجب عليها ان تلبس النظارات قبيحة المنظر .
لم تتوقف الفتيات بمدرستها الكاثوليكية عن السخرية منها ونعتها بالقاب مثل " ام اربعة عيون و الحوله " لكن لحسن حظها كان هناك راهبه طيبة القلب اسمها ايزابيل كانت تواسيها كلما رأتها تبكي وكانت تقول لها " لديك اجمل عيون في العالم " كانت تلك الكلمات ترفع من معنوياتها وتدخل الراحه لنفسها وتدفعها للعب مع الاطفال حتى ان داليدا بعد شهرتها ونجوميتها لم تنسى ايزابيل ابد وعندما علمت ان تلك الراهبه ايزابيل تحتضر تركت كل اعمالها ورجعت للقاهرة لتوديع المرأة التي عاملتها بحنان .
سنة 1940 تتكهرب الاجواء عندما اندلعت الحرب العالميه واصبحت حياة والدها جيجليوتي صعبه جداً مع انه كان بعيد عن السياسة ومشاكلها لكنه في النهايه كان ايطالي ، ومصر في تلك الايام كانت تحت حماية بريطانيا لذا فأن والد داليدا اعتقل وتم حبسه بسجن المعتقلين لعدة اشهر ونظراً للوضع المزري للعائله بعد ان فقدت عائلها اضطرت والدتها ان تسهر الليالي على مكينة الخياطه تخيط الملابس لتكسب عيش اولادها .
عندما عاد والدها الى البيت رجع وقد اصبح شخص مختلف فـالسجن جعله انساناً حاقداً و سيئ الطباع وبعد مرور عدت سنوات لم يتحمل حقيقة ان ابنته بلغت بلفعل فلم يعد يسمح لها بالخروج من البيت وذهاب مع اصدقائها ويطلب منها بدلاً من ذلك البقاء في البيت لمساعدة امها . وفي كل احد يوم الاجازه عندما تذهب الاسره الى الكنيسه ويفرغون من الصلاة كان يسمح والدها لشقيقيها "Orlando و Bruno " للعب بالخارج ليتمتعو بعطلتهم اما داليدا فقد كانت مجبرة على الذهاب مع والدتها الي البيت وهي تراقب شقيقيها بحسره وهم يلعبون .
وبعد مرور الوقت وجدت داليدا طريقه للهروب من مراقبة والديها حيث كانت تذهب الى الكنيسه الصغيره ووالدها مطمئنان عليها ليس لتصلي بل ذهبت هناك تنتظر فتى من نفس اصلها يدعى " Ormando " كانت تاتي الى الكنيسه وتقف بمكانها المفضل البعيد عن الحشد الــ aspersorium وهو المكان في الكنيسه (والذي اعتادت في طفولتها علىالوقوف فيه لانها كانت تشعر بالحرج من عينها المحوله ) . يسمعون القداس معاً وقد تشابك يداهم سراً ويختلسون النظرات بحياء .
كان ارماندو حب داليدا الاول والبرئ وكانت تخشى ان يكتشف والدها الموضوع برمته فينفجر غضباً فكثيراُ ماكان والدها يصفعها ويضربها بعنف لانها ذهبت مع صديقاتها فقط في المدرسه الى السينما او الى اي مكان اخر وكلما خرجت من البيت كان والدها ينتظرها والغضب يأكله وعند عودتها يصرخ بوجهها " اين كنتي اجيبي "
لكن والدها توفي بسكتة دماغية و بكت عليه داليدا كثيراً فرغم انه كان قاسي وحاد الطباع الا أنه يبقى والدها وهي تعترف بأنها قد ورثت منه الطباع الحادة عندما أصبحت نوباتها للغضب موضوعاً لسخرية الجميع. وقالت ذات يوم " دم أبي في أوردتي "
قبل وفاة والدها كانت داليدا تدرك مصيرها حين تتخرج من مدرستها وهو الزواج فوالدها كان يخاف عليها ولم يرغب ان تبقى بلا زواج وهي البنت الجميله فقد ارهقه تربية ابنته وكثرت نظرات الشبان ومغازلاتهم لها فأردا رجل يتحمل مسؤليتها نيابه عنه .
لكن بعد وفاته بدأت تتطلع لحياة اخرى لم تكن تجذبها الحياة المستقره والبيت البسيط .
مراهقتها :
منذ عمر مبكر كانت داليدا تسمع ان لها عمه كانت ممثله ايطاليه مشهوره تدعى " Eleanor Duse " ومن هنا بدأت تتساءل عن امكانية نجاحها بما ان لها قريبه ناجحه ومشهوره ! كانت متأكده انها ولدت وهي تتمتع بموهبه ربما تكون قد ورثتها عن عمتها فـبدأت تظهر موهبتها وهي في سن المراهقه على مسرح المدرسه ما جعلها لاتشك بأنها ذات يوم ستظهر على الشاشه وان اسمها سيرى النور !
ولكن بسبب ضغط امها لكي تجد عملاً بدل العيش بالاوهام أخذت دروس في الطبع وعملت سكرتيره في شركة ادويه .
عندما اصبحت في الـ 21 باتت تريد لحياتها ان تتغير بالحاح كلما رأت نجمه معروفه تبتسم لها عبر احدى المجلات كـ Rita Hayworth, Ginger Rodgers, and Lauren Bacall وغيرهم من نجوم ذاك العصر فحلمت ان تكون مكانهم .لدرجه انها كانت تشعر انها واحده منهم ! وان الاختلاف الذي بينها وبينهم هو انها لم تكتشف بعد !! فرأت ان المساله هي مسالة وقت لاكثر ولاكن كيف تصبح مشهوره ؟؟ هنا السؤال
كانت داليدا قد سبق وحصلت على لقب " Miss Ondine " عندما كانت صغيره ولان لديها فرصه لدخول بمسابقة ملكة جمال مصر والتي تقيم كل سنه ويتهافت عليها الفتيات . كانت رغبتها في الشهره قويه واردت ان تحققه ولو بأي ثمن لكن المشكله الحقيقيه والتي وقفت كحجرة عثر في طريقها هي والدتها التي ترفض فكرة ظهور ابنتها في مثل تلك المسابقات نظراً لما يترتب على المشاركات فيه من الظهور وهن شبه عاريات بملابس السباحه .
فأضطرت الفتاة ان تخفي على والدتها الامر وان تشارك في المسابقه . لذا وفي يوم واحد غادرت البنت المنزل بعد ان ادعت انها ذاهبه لصديقته واستقلت حافله واتجهت بها نحو حمام السباحه حيث تجري بها المسابقه فـ لبست ثوب سباحه مثير من جلد النمر حتى تضمن الفوز !
المهم اخذ المشاهدون مقاعدهم والمنافسات على التوالي ينسابون امام المنبر ومشت داليدا بخطوات واثقه فـ ركزت كل العيون عليها .. وبعد مناقشه قصيره بين لجنة الحكام اخذ احد الحكام الميكروفون وصاح باعلى صوته " لقد توصلنا الى القرار والذي سيذهب اسم ملكة جمال مصر اليه ...
اللقب سيذهب .. الى ... يولاند جيجليوتي
حصلت داليدا على جائزتها وهي عباره عن زوج من الأحذية الذهبية ثم اسرعت الى البيت وقلبها يخفق من السعاده لدرجة انها لم تتمكن من اخفائه وعلمت والدتها بما حصل فنفجرت غضباً لبعض الوقت ولكنها في النهايه رأت انه لم يحدث لابنتها شي سيئ فعفت عنها . رغم فوزها استمرت داليدا لبعض الوقت بلعمل كـ سكرتيره حتى تأتيها فرصتها !
بعد اللقب فتحت لها أبواب الشهره ودخلت الاستديوهات السينمائية في مصر وقدمت بعض الادوار فأختارها المخرج المصري الراحل " نيازي مصطفى " بدور " دليله " وقبل رحيلها الى باريس بـفرنسا ادت دور في الفيلم المصري " سيجاره وكاس "
و اتت فرصتها الكبرى عندما اتى الفريق الاجنبي لتصوير فيلم بمصر يحمل عنوان"Joseph And His Brothers" وكانت كـ بديل لنجمه Joan Collins .
وبالاقصر بـ ووداي النيل العظيم وشمس تشتعل لهيباً حيث يجري تصوير الفيلم وجدت داليدا نفسها بمواجهة ممثل صغير كان يبحث عن الشهره مثلها اسمه عمر الشريف !
يحكي عمرالشريف اكثر الممثلين المصريين وسامه وجاذبيه في برنامج تلفزيوني منذ خمس وعشرين عاماً جمعه بـ داليدا اجتماعه الاول بها و كيف انه عندما رأها اسر بجمالها في بداية الخمسينات . وبعد مرور عدة ايام حزمت داليدا حقائبها وقررت السفر الى باريس بحثاً عن الشهره والادوار السينمائيه رغم اعتراض والدتها .
في باريس
قررت ان تستثمر موهبتها في الغناء فـبدأت أدائها في الكباريهات و عالم الموسيقى وتسجيل الاغاني واختارت لنفسها الاسم الفني والذي عرفت به " داليدا ".
وابتسم لها الحظ عندما حصلت على عقد من شركة الاسطوانات " Barclay records " و كانت اول اغنيه تطلق دليدا لنجوميه هي اغنية "Bambino" سنة 1956 وهذه الاغنيه جلبت لها الشهره الفوريه وجعلتها حديث الصحافه المهتمه بشؤون الفن
سنة 1957 ظهرت في اشهر قاعه موسيقيه تسمى بـ Paris Olympia بلعرض الافتتاحي وأدت لــ Charles Aznavour ( مطرب فرنسي و كاتب اغاني ) وبـ وقت لاحق من نفس السنه لــ Gilbert Becaud ( مطرب ملحن وممثل فرنسي معروف) . وظلت مستمره تغني فيها حتى بعد شهرتها من بداياتها الى نهايتها . ، وطبعاً غنت في البدايه بلغه الفرنسيه ثم بالايطاليه ولاحقاً بعدة لغات
وبعد الشهره تهافت عليها المخرجون وقدمت فيلم "Brigade des Mouers" سنة 1957 و" Rapt au Deuxieme Bureau" سنة 1958 والذي ادت فيه دور مطربة كباريه .
برغم من جمالها للاسف كانت افلامها الاولى اقل من ناجح ولم تحقق الهدف والذي اردته .
سنة 1960 قدمت داليدا فيلم " Parlez moi d'Amour " وتالقت فيه لاكن للاسف الجمهور فضل داليدا المطربه على الممثله !! ولم يجد الجهمور بانها مناسبه لتمثيل اكثر منه في الغناء .
وخلال السنوات القليله الماضيه 56 - 1960 تمنكت من اختراق الهيت بوب باغاني صعدت على التشارت الفرنسي والايطالي واكسبتها نجوميه ساحقه ابتداء من اول اغنيه لها " Bambino " وصولاً الـى "Gondolier" "Romantica" "Les Gitans" "Histoire d'une Amour" "Le Jour la Pluie Viendra" "Love in Portofino" "Milord" .واصبحت المغنيه رقم واحد في القاره الاوربيه متفوقه على ابرز واشهر نجومها كــ Edith Piaf, Georges Brassens, and Gilbert Becaud .
لاكن سنة 1961 اصبحت مكانتها في الغناء تهتز بعد ظهور نجوم جدد اعطو نوعيه شبابيه جديده من الموسيقى مليئه بلايقاع كــ Sylvie Vartan و Eddy Mitchel و Johnny Hallyday مما شعرت معه بان موسيقاها قديمه بالمقارنه مع الاسلوب الجديد التي كانت تغزو اوروبا في تلك الايام جعلها تدرك أنه يجب عليها أن تغير أعمالها بصورة عاجلة و تخلق شيئ ما جديد يثير الجمهور.
سجلت دليدا أثناء حياتها 500 اغنيه فرنسيه 200 منها ترجمو للايطالي و200 للغات اخرى . باعت اكثر من 80 مليون اسطوانه في انحاء العالم وفازت بالعديد من الجوائز وسجلت 55 اسطوانه ذهبيه ..
حياتها الشخصية
ورغم شهرتها وثروتها وجمالها الا ان حياتها الخاصه كانت اشبه بمسرحيه ماساويه منذ بداية زواجها حتى نهايتها .
تزوجت من اول رجل حبته بصدق " Lucien Morisse " انفصلو عن بعض بعد زواج دام عدت اشهر فقط رغم ان حبهما كان حديث المجتمع في ذاك الوقت كان كل واحد منهم يصرح للاخرين بأنه متيم بالاخر ولايمكنه ان يعيش بدونه لانه حب حياته وكان سبب الانفصال هو بعد ان عثرت دليدا على حبها الحقيقي بعد ان اعتقدت ان حبها هو في من تزوجته وكان الرجل والذي تركت دليدا زوجها من اجله هو الرسام " Jean Sobieski " ( فيما بعد تزوج امراة اخرى وانجب منها ابنته الممثله الامريكيه " Leelee Sobieski " .
بعد سنوات قليله زوج داليدا الاولى لوسيان توفي بعد ان اطلق النار على نفسه بعد فشله بزواجه الثاني ومحاولاته ايضاً لرجوع لحبه الاولى .
سنة 1967 دخل العشق الى قلب داليدا عندما التقت بشاب الايطالي " Luigi Tenco " وكان مغني لايزال في بداية طريقه وقد دعمته دليدا ليصبح نجماً لكن الفشل طرق بابه بعد مشاركته بـ مهرجان سان ريمو سنة 1967 فنتحر بمسدسه في احدى الفنادق والمؤسف في الامر ان داليدا كانت اول من رأى جثته ممده ومغطى بدماء عندما ذهبت لتواسيه بعدم نيله التقدير في المهرجان والذي شاركا فيه !وعندما تمكنت من نسيان الماضي احبت رجل بفترة السبعينات ولاكنه هو الاخر توفي منتحر !
ربما المحزن في الموضوع ماذكر ان داليدا حملت ذات يوم وقررت ان تجهض نفسها فهي لاتزال صغيره وجميله والمستقبل امامها وبعد مرور السنوات وعندما قررت ان تنجب اخبرها الاطباء بأنها قد اصبحت عاقر بسبب فعلتها .
في فترة الثمانيات قضتها وهي تبحث عن الرضاء والسلام الداخلي لدرجة انها سافرت الى نيبال لدراسة الديانه الهندوسيه .. دراسه وليس اعتناق .
مصر مرة أخري
في سنة 1986 قدمت الفيلم المصري " اليوم السادس " من اخراج يوسف شاهين وهذا الفيلم للاسف لم يلقى اي اقبال جماهيري !
وفاتها
في سنة 1987 بـ 3 من شهر مايو وجدتها خدمتها ملقى على سريرها بسبب تناولها جرعه زائده من الاقراص المنومه والى جوارها رساله كتبت فيها :
" Life has become unbearable ... forgive me " او الحياة اصبحت غير محتمله ... سامحوني .
تم دفن داليدا بمقابر " Cimetiere de Montmartre " في باريس وقد تم صنع تمثال لها على القبر بنفس الحجم الطبيعي لها وهو يعتبراحدى اكثر الاعمال المنحوته تميزاً في المقابر الخاصه بالمشاهير .
تمثال نصفي لداليدا في الميدان الذي يحمل اسمها في حي مونمارتر في باريس.مكتوب على اللافتة: يولاندا جيجليوتي – الشهيرة بداليدا – مغنية وممثلة – 1987 – 1933