قيل : ( من لا يجد وقت للرياضة فسوف يجد متسعا من الوقت للمرض)
فإن كنت لا تمارس الرياضة البدنية المستمرة فلا تضيع الوقت أكثر من ذلك وابدأ الآن وحاول أن تنظر للرياضة على أنها شيء أساسي في الحياة وليس مكملا أو مضيعة للوقت .
فما أحوجنا اليوم لمزاولة الرياضة فالعضلات لا تضمر بفعل السنين إلا إذا أهملناها ، كما وأن القلب والأوعية الدموية لا تتأثر بتقدم العمر بقدر تأثرها بنمط حياتنا .
فمنذ بدء الخليقة كان الإنسان الأول يعيش معتمدا على الحركة فلكي يأكل كان لا بد من القيام بمجهود ليصطاد الفريسة ولكي ينجو بحياته كان عليه أن يجري ويتسلق الأشجار وينحت الصخور والكهوف فازدهرت صحته واكتملت لياقته ، فالمبدأ الأساسي لبناء جسم قوي والاحتفاظ بصحة جيدة هو أن نجعل عضلاتنا تتحرك .
يساعد النشاط الجسدي في منع أو معالج أو الوقاية من العديد من الأمراض كأمراض القلب والسكري والبدانة وهشاشة العظام خاصة في أطوارها الأولى كما يساعد في إنقاص عوامل الخطورة الرئيسية التي يمكن ضبطها مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول .
يعتبر السرطان وأمراض القلب والشرايين والسكتات الدماغية من كبار القتلة في وقتنا الحاضر وهي أمراض تتعلق بنمط حياتنا وعن الطريقة التي نعيش بها خاصة الغذاء الذي نأكله أو الذي نمتنع عن أكله والتلوث في بيئتنا والشدة النفسية والتدخين وعدم ممارسة الرياضة .
هذه الأمور جميعا تؤدي لتدفق سيل من الجذور الحرة ( Free Radicals ) لتهاجم خلايانا السليمة وهذه الجذور عبارة عن جزيئات من الأكسجين غير مستقرة وشديدة التفاعل ، لا تشبه الأكسجين الذي نتنفسه لأنها تحمل إلكترون واحد فقط وتتجول في أجسامنا باحثة عن إلكترون لخطفه من أي خلية سليمة لتستقر ، كما أنها تتسبب بزيادة عمليات الأكسدة في الجسم الأمر الذي يلحق الضرر بأغشية الخلايا والمادة الوراثية DNA وحتى البروتين وبالتالي تؤدي لتغيير الصفات الوراثية للخلايا ، ويعتقد أنها بجانب عوامل أخرى تساهم في ظهور أمراض كثيرة منها السرطان وأمراض القلب والشرايين والرئة والتهاب المفاصل والماء الأزرق ( الساد ) والسكري والزهايمر والشيخوخة المبكرة .
لقد سميت هذه الأمراض بأمراض المجتمعات الغنية وذلك لعلاقتها بالغذاء الغني بالدهون والكولسترول والبروتين والسعرات الحرارية العالية وانخفاض الفاكهة والخضراوات والألياف الغذائية في وجباتهم مع انعدام النشاط الرياضي طبعا .
هل تجد وقتا للرياضة ؟أغلب الناس يعللون عدم ممارستهم للرياضة بأنهم لا يجدون الوقت لها حيث أصبحت الحياة تسير بإيقاع سريع وزيادة في الهموم والمشاكل التي تواجه الناس في حياتها اليومية ومع ذلك فإن الناس الذين نجحوا في مزاولة الرياضة المنتظمة عندهم نفس الأربعة والعشرين ساعة فقد استطاعوا تغيير نمط حياتهم وعاداتهم ونظامهم اليومي .
إن اقتناع الإنسان أنه مشغول وليس لديه وقت لممارسة الرياضة اقتناع غير حقيقي لأن من الممكن إيجاد جزء من الوقت إذا كان هناك إرادة وعزم قويين.
إذا كيف تبدأ ممارسة الرياضة ؟
لا شك أن الفترة الأولى لمزاولة الرياضة تعتبر من أصعب الفترات وكثيرا من الناس يستسلمون في الأسابيع الأولى أو الشهور الأولى لعدم تعودهم عليها ولاعتقادهم أن الوقت فات لمزاولتها لكن إذا اتبعت التعليمات التالية سوف تستمر وبسعادة أيضا :-
1- حدد مواعيد ثابتة لمزاولة النشاط الرياضي .
2- لا تبدأ فجأة ممارسة تمرينات مجهدة وعنيفة ولكن اتبع الأسلوب المتدرج فالتمارين المعتدلة لا تسبب آلاما ومفيدة بنفس قدر التمارين المنهكة .
3- حاول أن تتخذ الرفيق قبل الطريق فممارسة الرياضة مع الأصدقاء تجعلك تأنس بهم وتزيد من تصميمك ومثابرتك على الرياضة .
4- انتقي الأماكن المناسبة لممارسة الرياضة ويفضل بالهواء الطلق وأسهل وأرخص رياضة هي رياضة المشي السريع .
5- اختر التمارين المناسبة لعمرك وحالتك الصحية فإذا كنت تشكو من مرض معين كالديسك أو التهاب في المفاصل والأعصاب استشر طبيبك أو المدربين المختصين عن التمارين المفيدة لحالتك والتي تساعد العلاج بالأدوية .
6- ارتداء الملابس الرياضية يحفزك على الأداء الرياضي والاستماع للموسيقى يسهل ممارستها أيضا .
7- لا تربط بين مزاولة الرياضة وإنقاص الوزن عليك بالتمهل لأن فقدان كيلوجرامات سيحدث حتما إذا واصلت الرياضة .
8- سجل في نادي رياضي فالرياضة الجماعية تشجع على الاستمرار .
متى تزاول الرياضة ؟
أفضل الأوقات لممارسة الرياضة في الصباح الباكر قبل تناول الإفطار حيث تعمل الرياضة في هذا الوقت على حرق الدهون حيث تكون نسبة السكر في الدم أقل من معدلاتها فتؤخذ احتياجات الجسم من الطاقة من الدهون المخزونة وإن لم تستطع في الصباح الباكر ففي فترة المساء بعد الأكل بحوالي 3 ساعات وفي أجواء مناسبة .
فمثلا ممارسة الرياضة في أيام حارة رطبة تؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من السوائل والأملاح مع العرق والاعتقاد الخاطئ أن العرق الغزير يساعد على التخسيس ليس له أساس من الصحة حيث تفقد المياه الغير مرغوب فيها كما وأن الاعتقاد أن حرارة الجو تذيب الدهون اعتقاد خاطئ لأن الدهون تحرق نتيجة المجهود العضلي فقط .
فوائد الرياضة :-
1- التحسن العام في الصحة وزيادة القوة ودرجة الاحتمال .
2- تزيد من كفاءة المخ والجهاز العصبي وتعيد للإنسان الثقة بالنفس والتوازن النفسي وتبعد عنه شبح الاكتئاب .
3- تقلل من احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية .
4- تساعد في علاج ضغط الدم المرتفع وتقلل نسب الدهون بالدم .
5- تحسن كفاءة الرئتين وتقلل من اضطرابات النوم والأرق .
6- تزيد من معدل التمثيل الغذائي فتقلل الوزن وتقلل من ظهور الشوارد الحرة التي تؤكسد الخلايا وتدمرها قبل أوانها .
7- تزيد من احتياج الجسم للسعرات الحرارية فتستهلك هذه السعرات حتى في أوقات الراحة فالعضلات تظل في حالة نشاط دائم بعد الرياضة .
8- تقي من هشاشة العظام والإمساك المزمن .
9- تقلل نسبة السكر في الدم لأنها تحفز الجسم على إفراز الأنسولين .
10- تزيد من كفاءة استخدام الجسم للأكسجين .
11- تساعد على الانخراط في الحياة الاجتماعية وتبعد عنك الوحدة والعزلة .
التنوع في ممارسة الرياضة ضروري :-
من الضروري التنوع في ممارسة الرياضات المختلفة حتى لا يشعر الإنسان بالملل كما قد يتسبب وضع عظامه ومفاصله وعضلاته في نفس الإطار الحركي والضغط على نفس النقاط في كل تمرين في الإجهاد أو الإصابة التي قد تعوقه عن الاستمرار في الرياضة .إن ممارسة الرياضات المختلفة تقلل العبء الملقى على أجزاء معينة من الجسم بتكرار نفس التمرين على المدى الطويل وعلى سبيل المثال فإن بعض اللاعبين الذين يمارسون رياضة التنس لمدة طويلة يصابون بما يسمى ( مفصل التنس ) وهي آلام تصيبهم في مفصل الكوع نتيجة الممارسة المستمرة دون مراعاة التنوع بين أنواع الرياضات الأخرى .
كيف تكون الرياضة آمنة :-
تكون الرياضة البدنية آمنة تماما حين تتناسب مع القدرات الجسمانية للشخص وفي عدم وجود أمراض تتعارض مع مزاولتها والتعود على ممارستها بانتظام لأن عدم الانتظام قد يتسبب في حدوث الإصابات فتفقد فائدتها المرجوة منها كما يجب ممارستها من غير اندفاع مفاجئ ولكن بالبدء بممارسة تمارين التسخين ( WARMING UP ) .
إن التسخين قبل ممارسة الرياضة لمدة خمس دقائق يساعد على تفادي الإصابة لأنه يزيد من حرارة الجسم بالتدريج ويساعد على تدفق كميات أكبر من الدم للعضلات لجعلها مستعدة لممارسة التمارين .
يبدأ التسخين بتمارين شد العضلات مع التنفس العميق وتحريك الذراعين وثني الجذع إلى الأمام والجانبين عدة مرات ثم المشي لعدة دقائق وبعدها نمارس حركات الاسترخاء أو التبريد ( COOLING DOWN)
ولو اتبعنا هذا الأسلوب مع مراعاة الحرص على التغذية الصحية السليمة وأخذ كميات كافية من السوائل يوميا وارتداء الملابس والأحذية المناسبة لأصبحت الرياضة ليست فقط آمنة بل ممتعة أيضا .
الرياضة والراحة النفسية :-
الرياضة البدنية تذهب الغضب لأنها تحرق هرمون الأدرينالين الذي يفرز بسببه فتخلص الإنسان من التوتر كما ويفرز الجسم مواد كيميائية مثل النورابنفرين والدوبامين والسيروتونين والتي تساعد على مزيد من الهدوء والفرح .
الرياضة تقوي العضلات وتصقلها بل ولها تأثير نفسي ملحوظ فهي تبعد الكآبة وترفع المعنويات وتمنح شعورا بالحيوية والنشاط والنشوة ولا عجب في ذلك كله فهي تساعد على إفراز هرمون الإندروفين ( Endorphin ) وهي مادة شبيهه بمادة الأفيون من حيث تأثيرها المسكن للألم يتم إنتاجها بجزء من الدماغ يسمى تحت المهاد ( Hypothalamus ) وتطلقها بالدم الغدة النخامية ( Pituitary Gland ) استجابة للجهد المبذول في الرياضة كما أنها تدعم جهاز المناعة فالشدة العاطفية والذهنية أو الجسمانية تحرض انطلاق هذا الهرمون والرياضة عبارة عن شدة جسمانية فكلما زاد الجهد المبذول وزادت شدة التمرين ومدته ازداد انتاج الإندروفين فهو لا ينتج عند عدم حصول أي جهد .
الخلاصة
إننا بممارسة الرياضة البدنية المنتظمة إلى جانب الاهتمام بالغذاء الصحي المتوازن والمعتدل سوف تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لأكثر من 10 سنوات على الأقل فنصبح أكثر شبابا وحيوية ورشاقة ونبدو أصغر سنا ونقي أنفسنا من الأمراض ونبعد شبح الشيخوخة المبكر .
فلو كان بالإمكان تصنيع الرياضة كدواء ووضعه في كبسولة فإنها ستكون أكثر الأدوية نفعا فالحرص على ممارسة أحد الرياضات الهوائية كالإيروبيك المعتدلة والمشي السريع وركوب الدراجة والسباحة والقفز بالحبل وصعود الدرج والرقص 3 مرات في الأسبوع على الأقل تزيل الكآبة والأرق والتعب بمقدار ما تفعله الأدوية المضادة للكآبة وتزيد من سرعة النبض وتنشط الجهاز الدوري وتضمن وصول الهواء والغذاء بقدر كاف إلى جميع خلايا الجسم وتساعد الجسم في سرعة التخلص من النفايات إن المهم هو ممارسة الرياضة بانتظام .