مكالمة دولية مع ميّت
كان مضطجعاً على يمينه،متكئاً على وسادتين ممتلئتين.. يضع فروته الزرقاء على ظهره، منشدّا لصوت أجراس الحلال الذي يحدثه مسير قطيع أغنام (كومبارس) في برنامج تلفزيوني.. اندس آخر العنقود قربه وحاول حشو رأسه في ''ردن الفروة'' الواسع..فنهاه أبوه قائلاً '' بس يا مسقّع'' ثم أرجع ردن الفروة الى مكانه..وعاد مسلماً كل حواسه لصوت ''ثغاء'' الحلال الجميل..فجأة يرن خلوي ''أبي يحيى'' يخرجه من جيب الثوب،يطلب منّي أن أقرأ اسم المتصل فأعتذر لأنه مكتوب على الشاشة (رقم خاص)..يضغط على السماعة الخارجية ويتكلم..
أبو يحيى:- ألو.
المتصل :- شلونك يابا؟.
أبو يحيى:- الله يسلمك..مين معي ؟
المتصل:- أبوك يا لوح!.
أبو يحيى: ابوي مات من عشرين سنة!
المتصل:- ولك أنا أبوك بالعلامة: الثالولة اللي على صدري..والجورة اللي ''بسرّتي''..
أبو يحيى مندهشاً :- أبوووووي...هلا يابا..كيف صحلك تحكي معنا..!
المتصل:- اتسلبطت على تلفون من الشباب قلت اتصل فيكو!
أبو يحيى :- شو أجا عبالك يابا.
المتصل:- اطّمن عليكو يا ''طنجير''!
سمعت عندكو غلاء اسعار والبترول نار والحياة صارت صعبة...
أبو يحيى : آه والله يابا..كل شي نار..بس شو درّاك؟
المتصل: مش أبو طايل انتقل من عندكو لعندنا..اجا يسولف لنا سوالف جنان..
ابو يحيى : الله يرحمك يابا دايماً شايل همنا.
المتصل بغضب : الله يرحمكوا انتو!.
أبو يحيى:- انت الميّت يابا مش انا.
المتصل: ليش انت بتفكّر حالك عايش؟
..انت كمان الله يرحمك!
ابو يحيى:- طمنّا، انت شلونك مرتاح ؟.
المتصل: مكيّف، دفا وعفا،وراحة بال،كل شي ابّلاش، وقبري ماضي 24 ساعة.
أبو يحيى :- ليش سحبت اشتراك ؟
المتصل: لأ يا لوح، اختك صيته بتقرالي الفاتحة كل يوم.
أبو يحيى: طوّلنا عليك يابا أبصر قديش صرت دافع!
المتصل: مش مشكلة، معي خطّ ''اموات'' و الدقيقة بقرش..
أبو يحيى: بدّك اشي يابا؟
المتصل: انت اللي بدّك اشي!
ابو يحيى: سلامتك يابا!
المتصل: لدّ ولك، إذا مش عاجبيتك العيشة عندكو، عندي قبر لقطة قريب مني ومن امك وجاي على شارعين..فكّر وردّلي خبر..قبل ما يروح..
ابو يحيى: صحيح قدّيش رقمك عشان أظل أدق عليك؟.
تووووت ينقطع الخط...
الأربعاء 16 كانون ثاني 2008م
رابط المصدر http://www.alrai.com/pages.php?opinion_id=7410