<table cellSpacing=0 cellPadding=0 width='\"20%\"' align=left border=0><tr><td></TD></TR> <tr><td></TD></TR></TABLE>
مصطلح \"تخصيب اليورانيوم\" هو واحد من المصطلحات التي أصبحت تطالعنا به الصحف بشكل دائم، جاعلة منه مشكلة المشاكل، تقوم لأجله الحروب وتفرض بسببه العقوبات على الدول. ومع تفجر الأزمة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي؛ بات العديد من الاستفسارات في حاجة ملحة إلى إجابة. فما هو تخصيب اليورانيوم؟ وهل هو عملية تعني بما لا يدع مجالا للشك إنتاج أسلحة نووية؟ وهل الهلع منه له أسباب منطقية؟. بداية يتزود العالم باحتياجه من اليورانيوم الخام من عدد محدود من الدول، وهي كندا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا وأستراليا ونيجيريا؛ فهو عنصر نادر في الطبيعة، حيث يتواجد في القشرة الأرضية بنسبة 3 جرامات فقط في الطن، وفي ماء البحر بنسبة 3 ملليجرامات في الطن. اليورانيوم هو خليط من نظيرين مشعّين موزعين بنسبة 99.3% يورانيوم238 و0.7% يورانيوم235. وتعبر الأرقام 238 و235 هي مجموع البروتونات والنيوترونات في نواة النظير، وتسمى بالوزن \"الكتلة\" الذرية. ولإحداث الانشطار النووي يتم قذف اليورانيوم بالنيترونات داخل المفاعل النووي المعتمد على استخدام الماء H2O؛ الأمر الذي يولد طاقة هائلة. ويحدث الانشطار النووي فقط لليورانيوم235 القابل للانشطار، ولإحداث انشطار لا بد من زيادة يورانيوم235 في اليورانيوم الطبيعي بنسبة تتفاوت بين 3% و5%، تبعا لنوع المفاعل النووي المنتج للطاقة، غير أنها ترتفع إلى ما بين 20% و90% في حال إنتاج أسلحة نووية تبعا لنوع السلاح النووي، وهذه الزيادة في نسبة اليورانيوم 235 هي ما يحدث فيما يسمى بتخصيب اليورانيوم. لذلك فإن مصانع تخصيب اليورانيوم هي النقطة الحساسة التي تفصل بين الاستخدام السلمي والعسكري للطاقة النووية. واليورانيوم238 أثقل من اليورانيوم235 بنسبة بسيطة تبلغ 0.85%، هذا الفرق البسيط في الكتلة يستخدم لفصل النظيرين عن بعضهما. وتتعدد طرق الفصل التي يعتلي عرشها طريقة الفصل بالطرد المركزي، وهي الأكثر انتشارا في العالم لأسباب اقتصادية. التخصيب بالطرد المركزي <table cellSpacing=0 cellPadding=0 width='\"20%\"' align=left border=0><tr><td></TD></TR> <tr><td>جهاز الطرد المركزي
</TD></TR></TABLE>
يأخذ التخصيب بالطرد المركزي عدة خطوات، أولها يحّول خلالها اليورانيوم الطبيعي إلى غاز في شكل اليورانيوم سداسي الفلور؛ ولأن فرق الكتلة بين جزيئات غاز النظيرين بسيط، يتم تخصيب اليورانيوم في خطوات متتالية، في كل خطوة يتم زيادة نسبة اليورانيوم235 حتى الوصول للنسبة المطلوبة. ويتكون جهاز الطرد المركزي من غلاف أسطواني مفرغ من الهواء يدور بداخلة أسطوانة بسرعة كبيرة، هذه الأسطوانة تدور تقريبا بدون أي نوع من الاحتكاك بواسطة محرك كهربائي من أسفل، ومغناطيس قوي من أعلى. بعد ذلك يدخل غاز اليورانيوم الطبيعي هذه الأسطوانة ويأخذ سرعة دورانها. <table cellSpacing=0 cellPadding=0 width='\"20%\"' align=left border=0><tr><td></TD></TR> <tr><td>تتابع أجهزة الطرد المركزي
</TD></TR></TABLE>
يتحرك الغاز في اتجاهين، الثقيل بتركيز أكبر ليورانيوم238 يدفع إلى الخارج في اتجاه جدار الأسطوانة، والخفيف بتركيز أقل ليورانيوم235 يبقى في مركز الأسطوانة. وبعمل فارق حراري على الأسطوانة يمكن فصل الغازين في اتجاه قمة وقاع الأسطوانة، حيث يتم امتصاصهما عن طريق أنابيب موصلة بالخطوة التالية للتخصيب. وتوصل أسطوانات الطرد المركزي بالتوالي والتوازي مع بعضها البعض، حتى تصل درجة تركيز يورانيوم235 للدرجة المطلوبة، ويصل عدد تلك الأسطوانات إلى مئات عدة، توضع داخل ما يسمى محطة الطرد المركزي. طاقة سلمية تعكرها النفايات يستخدم يورانيوم235 المخصب في صناعة وقود المفاعل النووي لإنتاج الطاقة. والمعتمد على مبدأ الانشطار النووي، فبانشطار نواة الذرة تنطلق طاقة حرارية هائلة. وبالنسبة لذرات اليورانيوم فبإطلاق النيوترونات عليها يحدث الانشطار النووي لذراتها، وبانشطار بعض الذرات تطلق بدورها النيوترونات، واصطدام هذه النيوترونات مع ذرات أخرى يسبب انشطارها فيتم تحرير المزيد من النيوترونات، وهكذا يستمر رد الفعل المتسلسل مسببا لتوليد كمية هائلة من الطاقة الحرارية. ويتم التحكم بمعدل الانشطار النووي في المفاعل باستخدام قضبان تحكم من مادة الكادميوم التي تقوم بامتصاص بعض النيوترونات المتحررة؛ فهي تسمح بتنظيم الانشطار النووي والتحكم الآمن به. كما يتم استخدام نظام تبريد مائي للتخلص من الحرارة المفرطة التي تنتج في أثناء العملية، ويستخدم البخار الذي يتم توليده لتدوير التوربينات التي تولد الطاقة الكهربائية. وبذلك فلإنتاج 133 ميجا وات يحتاج المفاعل إلى 25 طنا من اليورانيوم المخصب تنتج من 210 أطنان يورانيوم طبيعي. يوجد حاليا 443 مفاعلا نوويا سلميا على مستوى العالم و24 آخرون قيد الإنشاء. حيث تزود الطاقة النووية دول العالم بأكثر من 16% من الطاقة الكهربائية، ملبية على سبيل المثال ما يقرب من 35% من احتياجات دول الاتحاد الأوربي. ففرنسا وحدها تحصل على 77% من طاقتها الكهربائية من المفاعلات النووية. <table cellSpacing=0 cellPadding=0 width='\"20%\"' align=left border=0><tr><td></TD></TR> <tr><td>التخزين النهائي للنفايات النووية </TD></TR></TABLE>
وهنا نأتي لمشكلة مهمة تثير الجدل حول مدى أمان الطاقة النووية ألا وهي كيفية التخلص من النفايات النووية المتبقية من المفاعل ومخلفات مصانع تخصيب اليورانيوم، حيث تجمع كلتاهما، وتنقل للتخزين النهائي عادة في تجاويف عميقة بمواصفات محددة تحت سطح الأرض. وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنهاية عام 1997 إلى أن كمية النفايات النووية التي يتم تخزينها عالميا تزيد عن 130 ألف طن سنويا، تحتوي على عناصر ذات إشعاعية عالية، وعلى الرغم من السبل المختلفة لتأمين عملية الدفن التي تتبعها معظم الدول فإنه لا يوجد حتى الآن نظام آمن للتخلص من هذة النفايات؛ لذا يشكل خطر تسرب تلك المواد المشعة للمياه الجوفية وبالتالي مياه الشرب تهديدا ضخما. من السلم إلى آلات الحرب <table cellSpacing=0 cellPadding=0 width='\"20%\"' align=left border=0><tr><td></TD></TR> <tr><td>صاروخ إيراني من طراز شهاب قادر على حمل الرؤوس النووية </TD></TR></TABLE>
ونأتي للوجه الآخر من العملة وهو سباق التسلح النووي؛ فالدول السبع المنتجة للأسلحة النووية اليوم بترتيب أسبقية الإنتاج هي: الولايات المتحدة وروسيا وإنجلترا وفرنسا والصين والهند وباكستان. ومن المعروف دوليا أن إسرائيل تمتلك الأسلحة النووية رغم عدم وجود اعتراف رسمي من ناحيتها. وحاليا يوجد بعض التشكك من ناحية الوكالة الدولية للطاقة الذرية في البرنامج النووي لكل من كوريا الشمالية وإيران بأنه ليس فقط لإنتاج الطاقة ولكن أيضا لإنتاج الأسلحة النووية. فحتى يستخدم اليورانيوم المخصب في إنتاج الأسلحة النووية يجب أن تتراوح نسبة اليورانيوم 235 بين 20% و90% اعتمادا على نوع السلاح النووي. وحيث إن تخصيب اليورانيوم هو العملية الفاصلة بين الاستخدام السلمي والحربي للطاقة النووية؛ لذا يتطلب الأمر الرقابة والتفتيش الدائمين من ناحية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا أراد العالم منع انتشار الأسلحة النووية، ولكن هذا يحتّم أن تشمل الرقابة والتفتيش الجميع، وإلا صارت هناك ازدواجية تبيح للبعض ما لا تسمح للآخرين. وتخضع الدول ذات المنشآت النووية إلى رقابة مشددة، تفرض عليها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي منظمة مستقلة تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة، تأسست عام 1957 بهدف تكثيف وتوسيع استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية، وعمل رقابة على الدول الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، كي لا تنتج يورانيوم مخصبا صالحا لإنتاج الأسلحة النووية. ورغم هذا الدور الرقابي الذي تلعبه عمليات التفتيش فإنها ما زالت غير كافية، فبوسع مشغّل مصنع التخصيب أن يقلل من تقدير قدرة منشآته أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن ينتج اليورانيوم عالي التخصيب بصورة سرية بين زيارات مفتشي الوكالة ويحوّله لأغراض عسكرية دون أن يتم اكتشاف ذلك. ولهذا السبب ونتيجة للقلق حول انتشار هذة التكنولوجيا، اقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فرض قيود على بناء مصانع جديدة لتخصيب اليورانيوم. ربما تستطيع الدول التي تمتلك الأسلحة النووية اليوم أن تبدأ خطوة بخطوة في الاستغناء عن هذة الأسلحة كقدوة للبلاد الأخرى، وبذلك يصبح منع انتشار الأسلحة النووية ساريا على الجميع وتختفي أسلحة الدمار الشامل من عالمنا.. لكن هل يمكن أن يتحقق هذا الحلم على أرض واقعنا الحالي!. |